فيما ينتظر كثيرون انطلاق كأس الأمم الإفريقية غانا 2008 بشغف شديد، سيكون الغضب هو أكثر ما يسيطر على مشاعر مشجعي بورتسموث ومسؤوليه.
ويستعد النادي الذي يحتل المركز الثامن في الدوري الإنجليزي لخسارة خمسة من لاعبيه الأساسيين خلال البطولة هم السنغالي بابا بوبا ديوب، والنيجيريين نوانكو كانو وجون أوتاكا، والغاني سولي مونتاري، والكاميروني لاورين.
ودائماً ما يتزامن انطلاق البطولة مع انطلاق موجات من الغضب بين المديرين الفنيين لعدد كبير من أندية أوروبا، لاسيما مع تزايد عدد الأفارقة الدوليين في الدوريات الأوروبية المختلفة.
وتتكرر المشكلة مرة كل عامين وتتكرر معها صيحات الغضب ضد الاتحاد الإفريقية الذي يتمسك بإقامة البطولة في موعدها في يناير وفبراير من الأعوام الزوجية.
وتنال الأندية الأوروبية نصيبها من التأخر والتأزم في موقفها بعد تخلي لاعبيها عنها لمدة قد تزيد عن أربعة أسابيع، ما يجعل المدربين يطالبون بأن تقام البطولة في شهور الصيف مثلما هو الحال مع كل البطولات الكبرى مثل كأس الأمم الأوروبية وكأس العالم.
مدربون غاضبون
وانضم أفرام جرانت المدير الفني الجديد لتشيلسي إلى قائمة الغاضبين هذا العام، إذ سيخسر جهود كل من النيجيري جون أوبي ميكيل، والإيفواريين ديدييه دروجبا وسالمون كالو، والغاني مايكل إيسيين.
ودفعت الغيابات جرانت للإعراب عن غضبه متساءلا عن السر في عدم حماسة الاتحاد الإفريقية لتغيير موعد البطولة والإصرار على إقامتها وسط الموسم الأوروبي.
ولا يعاني النادي الأزرق وحده من هذه الظاهرة، بل تمتد لأغلب أندية الدوري الإنجليزي، أمثال برمنجام، وبلاكبرن، وبولتون وإيفرتون، وليفربول ونيو كاسل وساندرلاند، وميدلسبره وتوتنام وغيرها.
وتمتد آثار الغياب إلى أندية برشلونة وريال مدريد وسيفيليا الإسبانية كما تعاني منها أغلب أندية الدوري الفرنسي.
ويطالب جوي جورادان المدرب المساعد لنادي بورتسموث في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) بتعديل موعد الكأس الإفريقية ليصبح "مناسباً أكثر" على حد وصفه.
وبرر جورادان طلبه بأنه سيكون ذا "فائدة مزدوجة، فهي بهذا لن تضر بالأندية الأوروبية التي تضم في صفوفها لاعبين أفارقة، وستعطي المنتخبات نفسها فرصة أكبر للاستعداد للبطولة".
وأيد جرانت بشدة فكرة تعديل موعد البطولة إلى الصيف مشيرا إلى اعتقاده بأن "الجميع يرغبون في تعديل الموعد ليتناسب مع الجدول الأوروبي".
الاقتراح لاقى ترحيب من مونتاري الذي سيشارك مع منتخب بلاده في البطولة التي تقام في الفترة بين 20 يناير إلى 10 فبراير 2008 في غانا.
وقال لاعب بورتسموث: "أعتقد ان تغيير الموعد سيفيد الجميع وسيضع حداً للعديد من المشاكل".
ولكن على ما يبدو أن هذه المشاكل من الصعب تفاديها.
يؤكد عيسى حياتو رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم أن تحديد موعد البطولة الإفريقية جاء "ليتناسب مع الطبيعة الاستوائية الممطرة التي تتسم بها عدة دول في القارة السمراء، ودرجات الحرارة شديدة الارتفاع التي قد تجعل من المستحيل على أغلب دول القارة استضافة البطولة في الصيف".
ويتفهم جافين بياكوك لاعب تشيلسي السابق وجهة النظر هذه رغم تعاطفه مع الأندية التي تخسر لاعبيها في منتصف الموسم، مشدداً على أن الأمر "ليس مفاجئاً للأندية، فهم حينما يتعاقدون مع لاعبين أفارقة يعلمون جيداً أنهم سيضطرون للمشاركة في البطولة كل عامين".
فينجر يخشى على مستقبل الأفارقة في أوروبا
وتابع بياكوك في تصريحاته لـ(بي. بي. سي.) "أثق أنه لو كانت هناك إمكانية لتعديل موعد البطولة كان قد نفذ منذ فترة".
مطلب غير مقبول
ولكن تعديل موعد البطولة الإفريقية لم يكن مطلبا عادلا من وجهة نظر الناقد الرياضي البريطاني مارتن صامويل الذي وصف المطالب الأوروبية بأنها "غريبة".
ويؤكد صامويل الحاصل على جائزة أفضل صحفي رياضي إنجليزي في العام خمس مرات في مقال أبرزته صحيفة "مودرن غانا" أنه من الغريب المطالبة بتغيير موعد البطولة "التي بدأت قبل النسخة الجديدة من الدوري الإنجليزي بأكثر من 35 عاماً".
وتابع "البطولة الإفريقية تقام وفقاً للمواسم الإفريقية، ولأنه وقتما حدد موعد هذه البطولة لم تكن الكرة الإفريقية موضع اهتمام أحد لم يبال أحد بموعدها، ولكن بعدما فتح الأوروبيون أعينهم على المواهب الكروية الإفريقية بدأوا في المطالبة بتغيير الثقافة والعادات الإفريقية وتعديل موعد البطولة!".
وحاول الاتحاد الإنجليزي سابقا إجراء تعديلات في جدول الدوري المحلي حتى يؤجل بعض المباريات للأندية التي تضم لاعبين أفارقة كثيرين، ولكن المحاولة باءت بالفشل.
فالاقتراح الإنجليزي سمح للأندية التي تضم في صفوفها لاعبين أفارقة بتأجيل مبارياتها، على أن تستمر باقي المسابقة، ما تسبب في إصابة الأندية المتوقفة بالخمول، بالإضافة إلى معاناة لاعبيهم من الإرهاق الشديد حينما يعودون للمشاركة في المباريات المضغوطة.
تقلص الفرص
ولكن الإرهاق لن يكون الضرر الوحيد الذي يصيب اللاعبين المحترفين في أندية أوروبية، بحسب أرسين فينجر المدير الفني لأرسنال، والمعروف باهتمامه بالمواهب الإفريقية.
وقال فينجر لـ(بي. بي. سي.) "الإصرار على إقامة البطولة في هذا التوقيت قد يجعل من الصعب على الأندية الأوروبية وضع اللاعبين الأفارقة في إعتبارها لاحقا، وهو ما يضر بمستقبلهم".
وتابع "المنظمون يعلمون جيداً أن عدد اللاعبين الأفارقة في الاندية الكبرى في الدوري الأوروبي في ازدياد، ولكن هذه الأندية ترفض دفع ثمن هذا الاهتمام".
وهو على ما يبدو بدأ في الاضرار بمستقبل ستيفن بينار الجنوب إفريقي الذي أعاره ناديه دورتموند الألماني إلى إيفرتون الإنجليزي.
بينار أكد للدايلي تيليجراف أن "موعد البطولة قد يقلل من فرصتي في التوصل إلى عقد احترافي أوروبي جيد، خاصة أن وضعي في تشكيلة الفريق الاساسية قد يتبخر وأنا في غانا".
وقال في تصريحاته من العاصمة البريطانية: "الأمور تسير على خير ما يرام، وهو ما يدفعك للتفكير لماذا يجب علي الرحيل الآن؟ فالرحيل يجعل الأمر أصعب بكثير".
إلا أن المدرب المساعد لبورتسموث أكد أن خمسة لاعبين عن التشكيل الأساسي للفريق لن يمنعهم من الاستعانة بلاعبين أفارقة لأن "قدراتهم الفائقة تفوق بكثير الضرر الذي يسببه غيابهم لعدة أسابيع".
وقال صامويل "يمكن للكرة الأوروبية الاستعانة بلاعبين أفارقة، لكن من غير الممكن أن تحاول أوروبا سلب روح الإفريقية".